رؤية استراتيجية لتسوية النزاعات وتعزيز الثقة الاستثمارية

التزام المصلحة الضرائب المصرية بتحقيق العدالة الضريبية وإنهاء النزاعات القائمة مع مجتمع الأعمال وإعادة بناء الثقة بين الدولة والممولين وتعزيز مناخ الاستثمار في البلاد.

تامر محمد نصير - • الخدمات الضريبية وكل ما يخص الضرائب

تأتي تصريحات رئيسة مصلحة الضرائب المصرية، السيدة رشا عبد العال، لتؤكد على التزام المصلحة بتحقيق العدالة الضريبية وإنهاء النزاعات القائمة مع مجتمع الأعمال. هذه التصريحات، التي تستند إلى رؤية استراتيجية تتماشى مع التحول الرقمي وتحديث الخدمات، تُعد خطوة هامة نحو إعادة بناء الثقة بين الدولة والممولين وتعزيز مناخ الاستثمار في البلاد.

التحول الرقمي وتحديث الخدمات الإدارية

في إطار جهود الدولة لتسهيل الإجراءات وتبسيطها، أعلنّت رئيسة المصلحة عن إتاحة نماذج تسوية النزاعات الضريبية إلكترونيًا عبر بوابة المصلحة الرسمية ويُعد هذا التحول الرقمي بمثابة نقلة نوعية تُسهم في تقليص المعاملات الورقية وتقصير الوقت اللازم لمعالجة الملفات. يتجه النظام الجديد إلى تقديم الخدمات بشكل أكثر دقة وشفافية، حيث يتمكن الممول من ملء النماذج إلكترونيًا بكل سهولة، مما يقلل من الأخطاء الإدارية ويضمن استجابة أسرع للطلبات. ومن ناحية أخرى، يسهم هذا التحديث في تحسين الأداء العام للجهات الحكومية، مما يعكس حرص الإدارة على مواكبة التطورات التكنولوجية في خدمة المواطن والقطاع الخاص.

الإجراءات القانونية والمواعيد النهائية المحددة

تضمنت التصريحات تحديد إطار زمني واضح لتقديم الطلبات، مما يسهم في تنظيم عملية تسوية النزاعات الضريبية وإنهائها. فمن أبرز هذه الإجراءات:

  • تسوية النزاعات وفقًا للقانون رقم (5) لسنة 2025 : يُستقبل طلب تسوية النزاعات للنزاعات التي تعود لفترات ما قبل 1 يناير 2020 حتى 12 مايو المقبل
  • إنهاء النزاعات وفقًا للقانون رقم (160) لسنة 2024 : يُحدد 30 يونيو 2025 كآخر موعد لتقديم طلبات إنهاء النزاعات المنظورة أمام لجان الطعن والمحاكم

إن تحديد هذه المواعيد يعكس حرص الإدارة على وضع نظام دقيق يسمح بمعالجة الملفات القديمة في إطار زمني محدد، ما يسهم في تقليل تراكم القضايا وتسريع عملية الفصل فيها. ويتيح هذا الإطار الزمني للممولين التخطيط المستقبلي بصورة أفضل وتفادي المشكلات الناتجة عن التأخير في تسوية النزاعات.

أثر الإجراءات على بيئة الاستثمار والعدالة الضريبية

من وجهة نظري ، تُعتبر هذه الخطوات علامة إيجابية في مسيرة الإصلاح الضريبي. إذ أن تسوية النزاعات ليست مجرد إجراء إداري بحت، بل تُعد فرصة استراتيجية لإعادة الثقة بين الدولة والممولين. ففي ظل التحديات الاقتصادية التي يواجها قطاع الأعمال، يُسهم إزالة العقبات الإدارية في تحفيز النشاط الاقتصادي وتنشيط حركة الاستثمار. كما أن تقديم حلول مرنة مثل إمكانية التقسيط في حالات الفحص التقديري دون تحمل فوائد التأخير، يُعد ميزة هامة تُخفف العبء المالي عن الشركات وتساعدها على تحسين تدفقاتها النقدية. وهذا ينعكس إيجابًا على استقرار الاقتصاد الكلي ويعزز مناخ الاستثمار، مما يشجع المستثمرين على توسيع نشاطاتهم وتطوير أعمالهم

التوازن بين حقوق الدولة والممولين

يمثل التوجه القانوني والإداري المُعلن خطوة نحو تحقيق التوازن بين حقوق الدولة والمطالب المشروعة للممولين. إذ إن تطبيق القوانين الجديدة، سواء قانون (5) لسنة 2025 أو قانون (160) لسنة 2024، يضمن تحقيق العدالة الضريبية وتوفير آليات تسوية تراعى حقوق جميع الأطراف. هذه الإجراءات تُعزز من إمكانية الوصول إلى حلول توافقية تساهم في تخفيف الضغط الإداري وتقليل النزاعات المطولة التي قد تثقل كاهل الاقتصاد الوطني.

تقييم التحديات المرافقة

في رايي الشخصي نجد أن الإجراءات المُتبعة تحمل في طياتها فوائد عدة تتعلق بتقليل العبء المالي والإداري على الشركات. فالانتقال إلى النظام الإلكتروني وتحديد مواعيد نهائية صارمة يعزز من الشفافية ويساعد في تنظيم العملية الضريبية بشكل أفضل.

ومع ذلك، تبقى هناك تحديات تتعلق بتأهيل بعض الممولين للتعامل مع الأنظمة الرقمية الحديثة وتوفير الدعم الفني الكافي لهم. كما أن تطبيق إجراءات التقسيط يجب أن يتم بعناية لتفادي أي سوء تفسير قد يؤثر على الموازنة العامة. لذلك، يتعين على الجهات المعنية متابعة التطبيق العملي لهذه السياسات وتقييم نتائجها بشكل دوري للتأكد من تحقيق الأهداف المرجوة.

التطلعات المستقبلية وآفاق التحول الرقمي

إن التصريحات التي أدلت بها رئيسة مصلحة الضرائب تُظهر رؤية مستقبلية تسعى إلى تحويل منظومة الضرائب المصرية إلى نموذج يتسم بالمرونة والشفافية والسرعة في معالجة الملفات. يُتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو الرقمنة وتبني التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات. كما أن الاستفادة من التجارب الدولية في مجال تسوية النزاعات الضريبية قد تُضيف خبرات قيمة تساعد في تطوير النظام الضريبي المحلي بما يتناسب مع المتطلبات الاقتصادية المتغيرة. وفي هذا السياق، تُعد المبادرات الرامية إلى تبسيط الإجراءات وتوفير قنوات تواصل فعالة مع الممولين خطوة إيجابية نحو بناء اقتصاد أكثر ديناميكية واستدامة

خاتمة

تشكل تصريحات رئيسة مصلحة الضرائب المصرية رؤية شاملة تسعى إلى إنهاء النزاعات الضريبية وتعزيز الثقة بين الدولة ومجتمع الأعمال. من خلال تحديث الخدمات الإدارية وتحديد إطار قانوني واضح، تساهم هذه الخطوات في تخفيف العبء عن الممولين وتحسين مناخ الاستثمار في البلاد. ومن وجهة نظري، فإن هذه الإجراءات تُعد خطوة استراتيجية لتعزيز العدالة الضريبية وتحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.

إن استمرار تطبيق هذه السياسات مع متابعة نتائجها وتقديم الدعم الفني اللازم للممولين سيضمن تحقيق الأهداف المرجوة، مما يعكس حرص الدولة على بناء نظام ضريبي عادل وشفاف يخدم مصالح الجميع.

لمشاهدة الفيديو كامل على اليوتيوب

تواصل معانا لتشارك قصة نجاحك مع الأخرين